للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الآن تعبُدُ إلهين؟! فبَيِّنْ لنا: أنعبُدُ اللَّهَ أم نعبُدُ الرَّحمنَ؟! فنزلَتْ: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ}، ثم نزلَتْ هذه السُّورةُ (١).

والمعنى: الرَّحمنُ الذي يكفُرُ به أهلُ مكَّةَ هو الذي علَّمَ محمدًا القرآنَ.

وقال الضَّحَّاكُ: قال أهلُ مكَّةَ: ما نعرِفُ الرَّحمنَ إلا صاحِبَ اليَمامةِ (٢)، فنزلَتْ هذه السُّورةُ.

وقال الشَّعبيُّ: قالت اليهودُ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: إنا لَنراكَ تُكْثِرُ ذِكْرَ اللَّهِ وتُقِلُّ ذِكْرَ الرحمن، فما بالُكَ؟ فأنزلَ اللَّهُ تعالى هذه السُّورةَ (٣).

وقال عطاءٌ: لَمَّا نزلَتْ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠]، فأنزلَ اللَّهُ تعالى: {الرَّحْمَنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ} (٤).

وعن هشامِ بنِ عُرْوةَ عن أبيه قال: كان أوَّلَ مَن جهَرَ بالقرآن بمكَّةَ بعد رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عبدُ اللَّهِ بنُ مسعودٍ، وذلك أنَّ أصحابَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- اجتمَعوا، فقالوا: ما سَمِعَتْ قريشٌ القرآنَ يُجْهَرُ به، فمَن رجلٌ يُسَمِّعُهم؟ فقال عبد اللَّه بن مسعود: أنا، فقالوا:


(١) متنه مركب من خبرين، فإلى قوله: (بسم اللَّه الرحمن الرحيم) مروي عن الشعبي، رواه بنحوه عنه عبد الرزاق في "تفسيره" (٢١٥٨)، وأبو عبيد في "فضائل القرآن" (ص: ٢١٦)، وابن أبي شيبة في "مصنفه" (٣٥٨٩٠).
والقطعة الأخيرة منه رواها الطبري في "تفسيره" (١٥/ ١٢٣) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وذكره عنه الثعلبي في "تفسيره" (٦/ ١٤١)، والواحدي في "أسباب النزول" (ص: ٢٩٤).
(٢) رواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٦/ ٢٦٨) عن عطاء، وذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٣٧٨) من غير نسبة، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٣/ ٦٠) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٣) لم أقف عليه.
(٤) رواه ابن أبي حاتم كما في "الدر المنثور" (٦/ ٢٦٨).