للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو الريحان المشموم، قال ذلك ابنُ عباسٍ والحسَنِ (١)؛ أي: في الأرض ما يُؤْكَلُ وما يُشَمُّ.

* * *

(١٢) - {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.

قولُه تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}: أي: فبِأَيِّ نَعْماءِ ربِّكما مِن هذه النِّعَمِ التي ذكَرْنا مِن تعليم البَيانِ والقرآنِ، ورَفْعِ السماء، ووضع الأرض، وما بيَّنَّا (٢) مِن النِّعَمِ والألوانِ (٣) أيُّها الجنُّ والأنس تَجْحدانِ؟

ودليلُ أنَّ الخِطابَ لهما: ما ذُكِرَ بعده: {خَلَقَ الْإِنْسَانَ}، {وَخَلَقَ الْجَانَّ}، {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}، {أَيُّهَ الثَّقَلَانِ}، وسبَقَ ذِكْرُهما أيضًا في عموم قولِه: {لِلْأَنَامِ}؛ أي: للخَلْقِ.

وقيل: التَّثْنِيَةُ على مَذاهبِ العربِ في خِطاب الواحد بلفظ الاثنين، وعلى ذلك قولُه: {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ} [ق: ٢٤]، ومَرَّتْ هنالك نظائرُ مِن كلام العرب، والأوَّلُ أصَحُّ.

وروى جابرٌ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قرأ سورةَ الرحمنِ -أو قُرِئَتْ عنده- فقال: "ما لي أَسْمَعُ الجِنَّ أحسنَ جوابًا لها منكم؟! "، قالوا: وما ذاك يا رسولَ اللَّهِ؟ قال: "ما أتيتُ


(١) رواه عن الحسن الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٨٧)، والثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٧٩). وروى الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ١٨٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما: أنه الريح. وكذا ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ١٧٩).
وذكر مكي بن أبي طالب في "الهداية" (١١/ ٧٢١٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما والحسن وابن زيد: كل ريحان في القرآن فهو رزق.
(٢) في (ف): "الميزان وما بينهما" بدل: "الأرض وما بينا".
(٣) في (ر): "ذات الألوان".