للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الواقعة، قرأه على مَن حضرَه مِن المهاجرين والأنصار، حتَّى إذا بلغَ: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} تكلَّم عمرُ رضي اللَّه عنه فقال: يا رسولَ اللَّهِ، ثلَّةٌ مِن الأوَّليْنَ، وقليلٌ منَّا! حتَّى إذا أنزلَ اللَّهُ تعالى بقيَّةَ السُّورة، وجعلَه: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} دعا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- عمرَ رضي اللَّه عنه فقال: "يا ابن الخطَّاب، قد أنزلَ اللَّهُ تعالى فيما قلْتَ، فجعل: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ} "، فقالَ عمرُ رضي اللَّه عنه: رضيْنا عنِ اللَّهِ تعالى، ونصدِّقُ نبيَّنا، ثمَّ قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مِن آدمَ إليَّ ثُلَّةٌ، ومنِّي ثُلَّةٌ، ولن نستكمل ثلتَّنا (١) حتَّى نستعين بِرِعاءِ الإبلِ السُّودان ممَّن يقولُ منهم: لا إله إلَّا اللَّه" (٢).

* * *

(٤١ - ٤٤) - {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ}.

قوله تعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ}: وهم الصِّنْفُ الثَّالثُ مِنَ الأزواجِ الثَّلاثةِ.

{فِي سَمُومٍ}: هي الرِّيحُ الحارَّةُ الَّتي تدخلُ في مسامِّ البدنِ، وهي خروقُه، ومنه: السُّمُّ؛ لأنَّه يسري في المسام.

{وَحَمِيمٍ}: الحميمُ: الماءُ الحارُّ الَّذي اشتدَّ حرُّه، يعني: إذا نالَهم حرُّ النَّارِ، وأحرقَ أكبادَهُم وأجسادَهُم، فزعوا منه إلى الماءِ، فإذا هو شديدُ الحرارةِ قد انتهى غليانُه، فلا يصلُ إلى رَوحٍ ولا إلى بردٍ، بل مِن حرِّ إلى ما هو أشدُّ منه.


(١) في جميع النسخ: "ولا تتم ثلة"، والمثبت من المصادر، وستأتي.
(٢) رواه الطبراني في "مسند الشاميين" (٥٢٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٤٠/ ٢٢٩) من طريق عروة بن رويم عن جابر رضي اللَّه عنه. قال ابن كثير عند هذه الآية: في إسناده نظر.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٨) إلى ابن أبي حاتم عن عروة بن رويم مرسلًا.