للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ}: أي: تجعلونَه (١) إنسانًا، وقيل: أأنتم تصوِّرُونه.

{أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ}: استفهامٌ بمعنى التَّوبيخ؛ أي: وإذا كانَ اللَّهُ قادرًا على أنْ ينقلَ المنيَّ إلى هذه الصُّورة العجيبة فهو قادرٌ على إحيائِه بعدَ موتِه.

* * *

(٦٠ - ٦١) - {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ}.

{نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ}: بعدَ أنْ خلقناكم مِنَ النُّطفةِ.

قال مجاهدٌ: قدَّرنا بالتَّعجيل والتَّأخير (٢)؛ أي: نعجِّلُ بعضًا ونؤخِّرُ بعضًا، على ما علمْنا وأردْنا لا يُعْتَرَضُ علينا فيه.

{وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ}: أي: لا يفوتُنا أحدٌ، ولا يغلبنا أحدٌ أنْ نبدِّلَ أمثالَكم.

قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ}؛ أي: الأعمارَ إلى الموتِ، فمنكم مَن يعيشُ إلى أنْ يبلغَ الهرمَ، ومنكم مَن يموتُ شابًّا وصبيًّا وصغيرًا {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}؛ أي: عاجزين على أنْ نهلِكَكم ونأتِ بخلقٍ خيرٍ (٣) منكم وأطوعَ (٤).

وقال السُّدِّيُّ وسعيدُ بنُ المسيَّبِ: {وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ}؛ يعني: في حواصلِ طيرٍ سُودٍ، تكون ببَرَهوت كأنَّها الخطاطيف (٥).


(١) في (أ): "تخلقونه".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٤٥).
(٣) في (ر): "وأن نخلق خيرًا".
(٤) انظر: "تنوير المقباس" للفيروزآبادي (ص: ٤٥٤ - ٤٥٥).
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢١٥) عن سعيد بن المسيب.