للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وبرهوتُ وادٍ باليمنِ.

وقال الحسنُ رحمَه اللَّه: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ}؛ أي: بمغلوبِيْنَ على أنْ نخلُقَ خَلقًا سواكم (١).

نظيرُه: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ} [فاطر: ١٦].

وقيل: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ}؛ أي: نُفنيَكم، ونأتِيَ بقومٍ آخرين، وناسٍ مثلِكم مِن جنسكم {وَنُنْشِئَكُمْ}: نبتدئكم، ونبدِّل خلقَكم، وننقل صوَركم عمَّا أنتم عليه الآن إلى صورةٍ غيرها أنتم غيرُ عالمين بها، حتَّى نمسخَكم قردةً وخنازير، وممَّا شئنا ممَّا نعلمه نحن ولا تعلمونه أنتم؛ لأنَّ مَن قدرَ على أنْ يخلقَ مِن المنيِّ إنسانًا فينتقلَ المنيُّ إلى صورةِ الإنسان قدرَ على أنْ يخلقَ مثلَه أو ينقلَ صورَتَه إلى غيرها.

وقيل: {وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ} تمامُ الكلام؛ أي: لا يفوتنا أحدٌ، ولا يسبقنا إذا أردنا إماتته {عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ} هذا متَّصلٌ بقوله: {نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ}؛ أي: لنبدِّل بعدكم أمثالكم؛ أي: بعد إماتتكم قرنًا بعد قرنٍ (٢) إلى انقضاء الدُّنيا {وَنُنْشِئَكُمْ} بعد فناء الدُّنيا في الآخرة؛ أي: يبعثكم بعدَ الموت خَلْقًا جديدًا فيما لا تعلمون من الصُّور والهيئات (٣)؛ لأنَّ السُّعداء يُبعَثون على أحسنِ الصُّور، والأشقياء على أقبحِها، وهم لا يعلمون بذلك اليوم.

* * *


(١) ذكره الزجاج في "معاني القرآن" (٥/ ١٤٤) دون نسبة، وذكر الواحدي في "البسيط" (٢١/ ٢٤٨) عن الحسن قال: (نبدل صفاتكم ونجعلكم قردة وخنازير كما فعلنا بمن كان قبلكم).
(٢) في (أ): "آخرين إلى وقت" بدل: "بعد قرن".
(٣) في (ر): "والصفات".