للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٨٢) - {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}.

قوله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}: أي: وتجعلونَ ما رزقَكُم اللَّهُ مِن العلمِ الذي أنزلَه إليكم في القرآنِ تكذيبًا لربوبيَّته وقدرتِهِ على البعثِ بعدَ الموتِ، هذا معنى قولِ الحسن، فإنَّه قال: خسرَ قومٌ لا يكون حظُّهم مِن كتابِ اللَّهِ تعالى إلَّا التَّكذيب (١).

وتقديرُه: وتجعلون حظَّكم مِن القرآنِ التَّكذيبَ.

وقيل: معناه: وتجعلون شكري على رزقي إيَّاكم تكذيبَكم بقدرتي على مثلِ ما رُزِقْتموه.

وقال الفرَّاءُ: هو كقولك: جعلْتَ زيارتي إيَّاكَ أنَّك استخففْتَ بي، وتقديرُ قولِه: {رِزْقَكُمْ}؛ أي: رزقي إيَّاكم، والشُّكرُ مضمَرٌ (٢).

وروي أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال يومًا وقد مُطِروا مِن ليلتِهم: "يقولُ اللَّهُ تعالى: أصبحَ مِن عبادي مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكبِ، وكافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكبِ، أمَّا مَن قالَ: مُطِرْنا بفضلِ اللَّهِ ورحمتِه، فذلكَ مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمَّا مَن قال: مُطِرنا بِنَوءِ كذا، فذلكَ كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب" (٣).


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٧٢).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٣٠). وقوله: "الشكر مضمر" ليس من كلام الفراء، ولا يظهر له وجه، ولعل ذكره هنا سهو أو سبق نظر، فإن الظاهر أن يذكر عقب القول السابق: "وتجعلون شكري على رزقي إياكم. . . ".
(٣) رواه البخاري (٨٤٦)، ومسلم (٧١)، من حديث زيد بن خالد الجهني رضي اللَّه عنه. وجاء في (أ): "بالكواكب" في المواضع الأربعة السابقة.