للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عليٌّ رضي اللَّه عنه: نزلَتِ الآية في هذا: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ}؛ أي: شكرَكُم، فيقولون: مُطِرْنا بنوء كذا (١).

ورُويَ: أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خرجَ في بعضِ أسفارِه، فعطشَ أصحابُه، واحتاجوا إلى الماءِ، وذكروا ذلك للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "أرأيْتُم إنْ دعوْتُ فسُقِيْتُم فلعلَّكُم تقولون: سُقِيْنا بِنَوءِ كذا"، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ، ما هذا بحينِ الأنواءِ، فصلَّى ركعتَيْنِ ودعا ربَّه، فهاجَتْ ريحٌ، ثمَّ هاجَتْ سحابةٌ، ومُطروا حتَّى سالَت الأوديةُ، وملؤوا الأسقيةَ، ثمَّ ركبَ رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمرَّ برجلٍ يغرِفُ بقدحٍ له، وهو يقول: سُقِيْنا بِنَوْءِ كذا، فأنزل اللَّهُ تعالى هذه الآية (٢).

وقال أبو سعيد الخدري رضي اللَّه عنه: سمعْتُ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقولُ: "لو حبسَ اللَّهُ القَطْرَ عن أمَّتي عشر سنين، ثمَّ أنزلَ الماءَ، لأصبحَتْ طائفةٌ منهم يقولون: سُقِيْنا بِنَوْءِ كذا" (٣).


(١) رواه الترمذي (٣٢٩٥) مرفوعًا، وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعًا إلَّا من حديث إسرائيل، ورواه سفيان الثوري، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عليٍّ نحوه ولم يرفعه.
قلت: ونزول الآية في هذا السبب رواه مسلم (٧٣) عن ابن عباس قال: مطر الناس على عهد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة اللَّه، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا"، قال: فنزلت هذه الآية: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} -حتى بلغ- {رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٢١)، والقرطبي في "تفسيره" (٢٠/ ٢٢٦) بلا إسناد.
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (١١٠٤٢)، والنسائي (١٥٢٦)، وابن حبان في "صحيحه" (٦١٣٠)، إلا أنه في رواية أحمد وابن حبان: "سبع سنين"، وفي رواية النسائي: "خمس سنين"، ورواه بلفظ: "عشر سنين" الدارمي في "سننه" (٢٨٠٤).