(٨٣ - ٨٦) - {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣) وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ (٨٤) وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ (٨٥) فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}.
وقوله تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ}: أي: فهلَّا إذا بلغَتِ النَّفس -أي: الرُّوحُ- الحلقومَ ترجعونها.
ذكرَ {فَلَوْلَا} مرَّتين، ثمَّ قال: {تَرْجِعُونَهَا}، فكانَ جوابًا لهما، كما في قوله: {وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ}، وقوله: {لَوْ تَزَيَّلُوا}، ثمَّ قالَ: {لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا} [الفتح: ٢٥]، فكان جوابًا لهما.
{وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ}: خطابٌ للَّذين حضروا مَن يموتُ.
{وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ}: لأنَّ قربَكُم بمسافةٍ، وقربُ اللَّهِ لا بمسافةٍ.
{فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ}: أي: غيرَ محاسَبين.
وقيل: أي: غير مَجْزيِّين، وهو مفعولٌ مِن الدِّين، وهو الجزاءُ والحسابُ أيضًا.
وقيل: أي: غير مَقهورِيْن مملوكين، وقد دانه؛ أي: قهرَه، وقال: {فِي دِينِ الْمَلِكِ} [يوسف: ٧٦]؛ أي: مُلْكِه وسُلْطانِه.
* * *
(٨٧ - ٨٩) - {تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٨٧) فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (٨٨) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ}.
{تَرْجِعُونَهَا}: أي: ترجعونَ النَّفسَ -أي: الرُّوح- إلى البدنِ، فلا تخرجُ ولا يموتُ.
{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: وتقديرُ الآيات: وإنْ كانَ الأمرُ على ما يتوهَّمون مِنْ أنَّ النَّاسَ يموتون بانقضاءِ أعمارِهم، لا بأنْ يميتَهُم اللَّهُ تعالى فينقُلَهم إلى دارِ الجزاءِ، ويبعثَهم للحسابِ، فهلَّا إذا بلغَتْ نفسُ أحدِكُم الحلقومَ عندَ شِدَّةِ النَّزْعِ وأنتم حينئذٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute