إمهالَ الكفَّارِ لعجزٍ، وأنَّ أمري إيَّاكم بجهادهم لحاجةٍ، لكنْ لأبتليَكم به، وأعوضَكم عليه النَّعيم المقيم الذي خلقْتُكُم له وخلقْتُه لكم، وهو وجهُ انتظامِ هذا بما بعدَه.
وقوله تعالى:{آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ}: أي: أوضحْتُ الدَّلائل على أنَّه لا يستحقُّ العبادةَ غيري، فاعبدوني وآمنوا بي، وصدِّقوا رسولي فيما يخبرُكُم به عنِّي، وهذا في حقِّ المؤمنين أمرٌ بالدَّوام على إيمانهم، وفي حقِّ الكفَّار أمرٌ بابتدائِه.
قوله تعالى:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ}؛ أي: مِن المالِ الَّذي هو للَّه، وقد أعطاكُم بعدما كان عند غيركم، وقد جعلكم فيه خلفاء عن الماضين، فأنفقوا في جهادِ أعداءِ اللَّهِ مالَ اللَّهِ، مع الجهادِ بأنفسِكُم الَّتي هي للَّه.
{فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا} في سبيلِه بأمرِه طلبًا لمرضاتِه {لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ}؛ أي: ثواب عظيم في الآخرة.