للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهذا الكلامُ خرجَ مخرجَ الاستبطاءِ والإخبارِ بزوال المانع؛ أي: أيُّ عذرٍ لكم في تركِ الإيمانِ باللَّهِ، وقد أقيمَتْ البراهينُ على ما تُؤمَرون به سمعًا وعقلًا:

أمَّا العقلُ: ما دلَّ دلائلُ العقلِ على صدقِ الرَّسول في دعوى النُّبوَّة، بما أظهرَه اللَّهُ تعالى على يدِه من المعجزات التي هي خارجةٌ عن قِوى البشر، وذلك أخذُ الميثاقِ منهم به.

وأمَّا السَّمع: فهو ما يدعوهم إليه الرَّسول من الإيمان بمَن هو ربُّهم، دونَ مَن هو مربوبٌ مثلُهم.

{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}؛ أي: إنْ كنْتُم ممَّنْ همُّكُم التَّصديق بما يقومُ البرهان على صحَّتِه، فقد قام ذلك سمعًا وعقلًا.

وهذا إذا جُعل هذا خطابًا للمشركين.

وإنْ جُعل خطابًا للمؤمنين فمعناه: أيُّ سببٍ يزيلُكُم عن الإيمانِ والرَّسولُ بينَ أظهرِكُم يدعوكُم إلى الثَّبات عليه، وقد أَخذ هو عليه ميثاقَكم {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}: موقنين بشرائطِ الإيمان، وهو كقوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (١٠٠) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ.. .} الآية [آل عمران: ١٠٠ - ١٠١].

وعلى التَّأويل الأوَّل: أَخْذُ الميثاقِ مِنَ اللَّهِ تعالى على عبادِه، وهو ميثاقُ الخِلْقَةِ.

وقيل: هو أخذُ ميثاقِ الذُّرِّيَّةِ.

* * *

(٩ - ١٠) - {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ