للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}.

وقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}: أخبرَ بأنَّ الرَّسول إنَّما لزمَتْ دعوته لِمَا أيَّده اللَّهُ تعالى به مِن المعجزات التي أظهرها على يديه تخليصًا للنَّاسِ من ظلماتِ الكُفْرِ إلى نورِ الإيمانِ.

ويحتملُ أنْ تكون الآياتُ آياتِ القرآنِ، وهو لإعجازِه مِنَ المعجزاتِ أيضًا.

{اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}: لرأفتِه ورحمتِه لم يُخلْكُم فيما تَعبَّدَكم به من مواصلةِ الحُجج.

وقوله تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: أي: وأيُّ عذرٍ لكم في تركِ الإنفاقِ مِن أموالِكُم في سبيلِه وقد علمتم أنَّ هذه الأموال تزولُ عن أيديكم إلى غيركم كما زالَتْ عن غيركم إليكم فصرْتُم مستخلَفِيْن فيها، ثمَّ هكذا يكون قرنًا بعدَ قرنٍ إلى أنْ تصيرَ لا مالِكَ لها مِنَ البشر (١)، ويرثُها اللَّهُ تعالى وهو خير الوارثين؛ أي: لا يبقى لها مَن يدَّعيها، ويخلص مضافًا إلى اللَّه تعالى؛ أي: كيفَ تبخلونَ بأموالٍ هذه حالُها، وبإنفاقِها في سبيل اللَّه يكون لكم في الآخرة منالها (٢).

وقوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} قال زيد بن أسلم وقتادة رحمهما اللَّه: أي: قبل فتح مكَّة (٣).

وقال عامر: أي: فتح الحديبية (٤).


(١) "من البشر" ليس في (أ).
(٢) في (ر): "مثالها".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٣٩٣).
(٤) المصدر السابق.