للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: هو المفهوم من الكلمة ظاهرًا.

واحتجَّ الشَّافعي رحمه اللَّه بأنْ قال: العودُ للشَّيء ليس هو إعادةً، بل ذلك عودٌ فيه، أو عودٌ إليه، بل العودُ له: إبطالُ الحكمِ والإتيانُ بما يضادُّه، قال اللَّه تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ} [الأنعام: ٢٨]؛ أي: لخالفوا النَّهي، والظِّهارُ سببُ الفراق، والعودُ له: إمساكُها، الذي يضادُّه.

وقال أصحابُنا رحمهم اللَّه: العودُ هو العزم على جماعِها، فمتى عزمَ على ذلك لم يحلَّ له حتى يكفِّر، ولو ماتَتْ هي بعدَ مدَّة قبل أن يكفِّر سقطَتْ عنه الكفَّارة؛ لفوْتِ العزمِ على جماعِها.

قال الشَّافعيُّ رحمه اللَّه: إنَ العودَ للشَّيء الإتيانُ بما يضادُّه، لكن ليس حكم الظِّهار تركَ المرأة وفراقَها ليكون ضدُّه إمساكَها، بل حكمُه الامتناعُ عن وطئِها، فضدُّه العزمُ على وطئها.

وقد رُوي عن سلمة بن صخرٍ أنَّه جاء إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وقال: يا رسول اللَّه، إنِّي


= واستدلَّ له بالحديث الذي رواه أبو داود (٢٢٢٠) من طريق هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي اللَّه عنها الذي فيه ذكر أن المظاهر كان به لمم، وقد تقدم قريبًا، قال: هذا يقتضي التَّكرارَ ولا بدَّ، ولا يَصحُّ في الطهارِ إلَّا هذا الخبرُ وحده، إلَّا خبرًا نذكرُه بعدَ هذا إنْ شاءَ اللَّه عز وجل، وكلُّ ما عدا ذلك فساقطٌ: إمَّا مرسلٌ، وإمَّا مِن روايةِ مَن لا خيرَ فيه.
وقد رد القول بالتكرار ابن العربي في "أحكام القرآن" (٤/ ١٩٢) فقال: (فاما القول بأنه العود إلى لفظ الظهار فهو باطل قطعًا لا يصح عن بكير، وإنما يشبه أن يكون من جهالة داود وأشياعه، وقد رويت قصص المتظاهرين وليس في ذكر الكفارة عليهم ذكر لعود القول منهم، وأيضًا فإن المعنى ينقضه لأن اللَّه تعالى وصفه بأنه منكر من القول وزور فكف يقال له: إذا أعدت القول المحرم والسبب المحظور وجببت عليك الكفارة، وهذا لا يعقل، ألا ترى أن كل سبب يوجب الكفارة لا تشترط فيه الإعادة من قتل ووطء في صوم ونحوه).