للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}: أي: يرفعِ اللَّه درجاتِ مَن فعَل ذلك في الجنَّة، وإنَّما ذكر الإيمان والعلم في هذا لأن التَّفسُّح والنُّشوز لمن جاء بعد التَّمكُّن والطُّمأنينة، واحتمالُ هذا التَّعب إنَّما يكون ممَّن يتوفَّر حظُّه من الإيمان والعلم؛ لأنَّهُ يفعل ذلك تعظيمًا لأخيه المؤمن، وتعطُّفًا عليه، وإشراكًا له في الخير والاستماع من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-.

{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}: من التَّفسُّح والنُّشوز للإخوة من المؤمنين فيثيبُكم عليه.

وقيل في قوله: {وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا}: أي: ارتفعوا منه في بيتِه وقوموا وارجعوا؛ فإنَّه له حاجة، وكان كلُّ واحدٍ منهم يحبُّ أن يكون آخرَهم عهدًا بالنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فأُمِروا بالتَّخفيف، وعلى هذا يكون قوله: {تَفَسَّحُوا} ما دام يحدِّث، و {انْشُزُوا} إذا فرغ من الكلام.

وقيل: إذا قال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لبعضكم: {انْشُزُوا}؛ أي: ارتفعوا في المجلس؛ أي: اقتربوا منِّي إكرامًا، فلا تباعَدوا واقتربوا قَبولًا لكرامته، فإنَّه لا يقرِّبُ إلَّا الأفاضل في الإيمان والعلم، ولا يُنزلُ كلَّ إنسانٍ إلَّا منزلةَ استحقاقِه بعلمِه (١) وإيمانِه، وذلك معنى وصل الإيمان والعلم بهذا الكلام؛ لأنَّ معناه: إذا رفعَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أحدَكم فليرتفعْ؛ فإنَّه إنَّما يفعل ذلك بأمر اللَّه تعالى بيانًا لدرجة علمِه وإيمانِه.

وقيل: {إِذَا قِيلَ لَكُمْ} في مجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد سماع العلم: {انْشُزُوا} وارتفعوا لغزوٍ أو خيرٍ آخر (٢)، فبادِروا، ولا تتثا قلوا اعتلالًا بالضِّنِّ بمجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فإنَّ العلم والإيمان يوجب المسارعةَ إلى الائتمار.


(١) في (أ): "بعمله".
(٢) "آخر" من (أ) و (ف).