للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الخطاب لقومٍ من أهل الشَّرف سبقوا إلى مجلس رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثمَّ يحضر الفقراء، فكرهوا أن يزاحموهم، فنُدبوا إلى التَّوسعة لهم، وأُخبروا أنَّ الرِّفعة بالعلم والإيمان، لا بالشَّرف والمال.

ومَن قرأ: {فِي الْمَجَالِسِ} فهي للمجالس المختلفة، من مجلس الذِّكر والوعظ، ومجلس القتال، ومجلس الصَّلاة؛ أي: تفسَّحوا في أيِّ مجلسٍ كان من ذلك.

وقيل: أريد به مجلس كلِّ واحدٍ في نفسه، وهم في مجلس واحد، أو مسجد واحد.

قال ابنُ عبَّاس رضي اللَّه عنهما: نزلت الآيةُ في ثابت بن قيس بن شماس؛ أقبلَ نحوَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يتخطَّى رقاب النَّاس، والمجلسُ غاصٌّ بأهله، وهو يقول: توسَّعوا وتفسَّحوا، وكان في أذنه وَقرٌ، وأحبَّ أن يدنوَ من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، حتى انتهى إلى رجلٍ أمامَ النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يفسح له، فذكر أمَّه، فنزل في الرَّجل الذي لم يفسح له هذه الآية، فندم الرَّجل وندم ثابت (١).

وقال مقاتلُ بن حيَّان: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان في الصُّفَّة في مكانٍ ضيِّقٍ، وكان يكرمُ أهلَ بدرٍ من المهاجرين والأنصار، فجاء أناس من أهل بدرٍ يومئذ وقد سُبقوا إلى المجلس، فقاموا حيال النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: السَّلام عليك يا رسول اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، فردَّ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عليهم، ثم سلَّموا على القوم بعد ذلك، فردُّوا عليهم، فقاموا على أرجلهم ينظرون إلى أن يوسِّعوا لهم، وعرف النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ما يحملِهم على القيام، فلم يُفسَح لهم، فشقَّ ذلك على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار


(١) ذكر نحوه الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٨٦).