للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فيأثموا، أو تكثر حوائجهم فلا يمكنهم رفع كثير منها إليه إذا لم يجدوا ما يقدِّموا له، وخافوا ذلك على بعضِهم، فرحمَهم اللَّه تعالى وخفَّف عنهم.

{فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}: أي: خفَّف عنكم وأزال عنكم هذا الفرض.

{فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}: أي: دوموا عليهما {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في سائر الأوامر والنَّواهي.

وحقيقة {وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} في هذه المواضع: أزالَ عنكم المؤاخَذة بترك تقديم الصَّدقة على المناجاة، كزوال المؤاخذة بالذَّنب على التَّائب عنه.

{وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} وهذا وعد ووعيد.

وقيل: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} فلا تتناجَوا بالإثم والعدوان ومعصية الرَّسول وتناجوا بالبر والتقوى.

قال الكلبيُّ: ما كانت إلَّا ساعةً من نهارٍ حتَّى نُسِخَتْ (١).

وقال مقاتل بن حيَّان: كانت عشرَ ليالٍ ثمَّ نُسِخَتْ (٢).

وقال عليٌّ رضي اللَّه عنه: هذه آيةٌ من كتاب اللَّه تعالى ما عملَ بها أحدٌ من قبلي ولا بعدي، وكان لي دينار، فبعتُه بعشر دراهم، وتصدَّقْتُ بها، وسألْتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عشرَ مسائلَ، فأجابني عنها، قلْتُ: يا رسول اللَّه، ما الوفاء (٣)؟ قال: "التَّوحيدُ وشهادةُ أن لا إله إلَّا اللَّه، قال اللَّه تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: ٤٠] "، قلْتُ: وما الفساد؟ فقال: "الكفر والشِّرك باللَّه تعالى"، قلْتُ: وما الحقُّ؟ قالَ: "الإسلام والقرآن والولاية إذا


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣١٧٨) عن الكلبي وقتادة.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٦٢).
(٣) في (ر): "الصلاح".