للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاختلف أصحابُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فقال بعضهم: نقطع، وبعضهم: لا نقطع، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ}: ألوان النخيل سوى العجوة {أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} قال: العجوة {فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} يقول: يغيظهم ما قطع من النخيل (١).

وقال مقاتل: كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمَر بقطع النَّخيل وتحريقها إلَّا ضربًا منها يُقال لها: العجوة، شديدَ الصُّفرة، يُرى نواه من اللِّحاء، من أجود التَّمر، يغيب فيه الضِّرس، النَّخلةُ منها أحبُّ إليهم من وَصيف، فجزع أعداء اللَّه عند القطع، فقالوا: يا محمَّد، أوجدْتَ فيما أُنزل عليك الفساد في الأرض أو الصَّلاح؟ فأكثروا فيه القول، وأكثرَ المسلمون ندامةً (٢) على قطعهم خشية أن يكون فسادًا، فأنزل اللَّه تعالى الآية (٣)، واستصوبَ ذلك كلَّه منهم لحسن نيِّتهم في ذلك، فمَن ترَك العجوة وهي أجود التَّمر فلتبقى للمسلمين، ومَن قطعها فلزيادة غيظ على الكافرين.

* * *

(٦) - {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.

وقوله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}: أي: ما غنمْتُم. والفيءُ: الغنيمةُ تفيء إلى المسلمين؛ أي: ترجع.

{مِنْهُمْ}؛ أي: من هؤلاء اليهود.

{فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}: فلم يكن ذلك بإيجافِ خيلٍ أو ركاب


(١) انظر: "مغازي الواقدي" (١/ ٣٨١).
(٢) في "تفسير مقاتل": "ووجد المسلمون ذمامة".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل" (٤/ ٢٧٧).