للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

منكم على ذلك. والإيجافُ: تعدية الوجيف، وقد وجفَ البعيرُ يَجِفُ وَجِيفًا؛ أي: سارَ بتحرُّكٍ واضطرابٍ، وأوجفَه راكبُه.

ومعناه: فما أزعجْتُم عليه خيلًا ولا ركابًا، ولا أزعجتُم إليه شيئًا من ذلك؛ أي: لم يحصل ذلك بسعيكم وعملكم {وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} أشار إلى أنَّ اللَّهَ تعالى يسلِّط رسلَه عليهم، بأن ألقى رعبَه في قلوبِهم، فهابُوه وأذعنوا للجلاء وتركِ الأموال، فجرى سلطان الرَّسول عليهم بتسليط اللَّه تعالى، وذلك سُنَّته في رسله الماضين، كان يسلِّطهم على مَن يشاء.

{وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}: من هذا وغيره.

وقال الواقديُّ: كانت أموال بني النَّضير للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- خاصَّة، لم يخمسها (١)، أعطى منها المهاجرين، ولم يعطِ منها الأنصار، إلَّا رجلين محتاجَين: سهل بن حنيف وأبا دجانة، ونفَّل سعد بن معاذ سيف بن أبي الحُقَيق، وكان سيفًا له ذكر عندهم.

وقال عمر رضي اللَّه عنه للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: ألا تخمِّسُ يا رسولَ اللَّه ما أصبْتَ من بني النَّضير كما خمَّسْتَ ما أصبْتَ مِن بدر؛ فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا أجعلُ شيئًا جعلَه اللَّه لي دون المؤمنين"، لقوله: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} (٢).

* * *

(٧) - {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.


(١) في (ر): "يقسمها".
(٢) انظر: "مغازي الواقدي" (١/ ٣٧٩).