الإنسانُ في المكان إذا تبوَّأهُ، ومعنى:{مِنْ قَبْلِهِمْ}؛ أي: من قبل قدومِهم، لا من قبل إيمانهم.
{يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ}: من أهل مكَّة وغيرهم، ومن محبَّتهم إيَّاهم أن نزلوا لهم عن نسائهم، وشاطروهم في أموالهم ومساكنهم.
{وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا}: ولا يجدُ الأنصارُ في قلوبهم حسدًا ممَّا أوتيَ المهاجرون من الفيء.
والحاجة: الشرك، والحسدُ في القلب يعمل عملَها في الجسد.
وقيل: أي: احتياجًا إليه حتى يحملَهم ذلك على الضِّنِّ به.
{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ}: أي: يختارون على أنفسهم المهاجرين {وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}؛ أي: فقر وحاجة.
وروي أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لَمَّا غَنِم بني النَّضير دعا ثابت بن قيس بن الشَّمَّاس فقال:"ادعُ لي قومك"، قال: الخزرجُ يا رسول اللَّه؟ قال:"الأنصار كلُّها"، فدعا له الأوس والخزرج، فتكلَّم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحمد اللَّه، وأثنى عليه بما هو أهله، وذكر الأنصار وما صنعوا بالمهاجرين، وإنزالَهم إيَّاهم في منازلهم وأموالهم، ثم قال:"إنْ أحببْتُم قسمْتُ بينكم وبين المهاجرين ما أفاء اللَّه عليَّ من بني النَّضير، فكان المهاجرون على ما هم عليه من السُّكنى في مساكنكم وأموالكم (١)، وإن أحببْتُم أعطيْتُهم وخرجوا من دورِكُم".
فتكلَّم سعدُ بن عبادة وسعدُ بن معاذ رضي اللَّه عنهما فقالوا: يا رسول اللَّه، بل يُقسَم بين المهاجرين، ويكونون في دورنا، فنادَتِ الأنصارُ: رضيْنا وسلَّمنا يا رسول اللَّه،