للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

طعامَهم، فقامت امرأتُه إلى السِّراج كأنَّها تصلحُه فأطفأته، وجعلوا يضربون بأيديهم إلى الطَّعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون، فلمَّا أصبحَ ثابتٌ غدا إلى النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له نبيُّ اللَّه: "لقد عجِبَ اللَّهُ البارحةَ من صنيعكم"؛ أي: رضي غاية الرِّضا، ونزل فيهم هذه الآية (١).

وقال أنس: أُهدي لبعض الصَّحابة رأسُ شاةٍ مشويٍّ، وكان مجهودًا، فوجَّهَ به إلى جارٍ له، فتداوَلَتْهُ تسعة أنفسٍ، ثم عاد إلى الأوَّل، فأنزل اللَّه تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} (٢).

* * *

(١٠) - {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.

وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}: هم التَّابعون بإحسان.

{يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا}: أي: الصَّحابةِ {الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} لسَبْق زمانهم.


(١) رواه ابن أبي الدنيا في "قرى الضيف" (١١)، وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ١٠٦) إلى مسدد في "مسنده" وابن المنذر.
وروى البخاري (٤٨٨٩)، ومسلم (٢٠٥٤) نحو هذه القصة من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، بإبهام الرجل المضيف.
قال ابن حجر في "فتح الباري" (٧/ ١١٩): (زعم ابن التين أنه ثابت بن قيس بن شماس، وقد أورد ذلك ابن بشكوال من طريق أبي جعفر بن النحاس بسند له عن أبي المتوكل الناجي مرسلًا، ورواه إسماعيل القاضي في "أحكام القرآن" ولكن سياقه يشعر بأنها قصة أخرى)، ثم قا أط: (وهذا لا يمنع التعدد في الصنيع مع الضيف وفي نزول الآية).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٧٩)، وابن الجوزي في "زاد المسير" (٨/ ٢١٥).