للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا}: أي: حقدًا {لِلَّذِينَ آمَنُوا}؛ أي: الصَّحابةِ.

{رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}: قال قتادة: إنما أُمرتم أن تستغفروا لأصحاب محمَّد، ولم تُؤمَروا بسبِّهم (١).

قالوا: علمَ اللَّهُ تعالى أنَّه يقعُ بين الصَّحابة أشياءُ، ثم يُذكَر ذلك لمن بعدهم، وربَّما يقعُ في قلوبِ بعضِهم كراهةَ (٢) بعض ذلك، فتتغيَّرُ عليهم قلوبُهم، فأمر اللَّه تعالى بالاستغفار لهم، ونبَّههم على أن ذلك ممَّا يرجى عفو اللَّه عنه، ويجبُ على مَن بعدَهم حُسنُ الاعتقاد فيهم، وحسنُ الدُّعاء لهم.

وقيل لسعيد بن المسيِّب: ما تقولُ في عثمانَ وعليٍّ وطلحةَ والزُّبير؟ قال: أقول ما قوَّلنيه اللَّه تعالى، وتلا هذه الآية (٣).

وسمعَ ابنُ عمرَ رجلًا يتناول بعض المهاجرين، فقرأ عليه: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} الآية، وقال: هؤلاء المهاجرون أفيهم أنت؟ قال: لا، ثمَّ تلا عليه: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ} الآية، وقال: هؤلاء الأنصار أفيهم أنت؟ قال: لا، ثم قرأ عليه: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ} الآية، ثمَّ قال: أمِن هؤلاء أنت؟ قال: أرجو، قال: ليس من هؤلاء مَن يسبُّ هؤلاء (٤).

وكان عمر رضي اللَّه عنه يجعلُ الفيء لكلِّ هؤلاء الأصناف، ويجعل بعضها معطوفًا على البعض؛ روي عن مالك بن أوسِ بن الحَدَثَان قال: قرأ عمرُ رضي اللَّه عنه: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} الآية، وقال: هذه لهؤلاء، ثمَّ قرأ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ


(١) رواه عبد بن حميد وابن المنذر، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ١٠٥).
(٢) في (ف): "كراهية".
(٣) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" (٩/ ٢٣١)، والزمخشري في "الفائق" (٣/ ٢٣٥).
(٤) رواه ابن مردويه، كما في "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ١١٣).