للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ شَيْءٍ} [الأنفال: ٤١]، ثم قال: هذه لهؤلاء، ثم قرأ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ} إلى قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}، ثم قال: هذه استوعبَتِ المسلمين عامَّة، فلئِنْ عشْتُ ليأتينَّ الرَّاعي وهو بِسَرْوِ حِمْيَرَ نصيبَهُ منها، لم يعرق فيه جبينُه (١).

وبهذه الآيات أيضًا احتجَّ في وضع الخراج في سواد العراق، وترك قسمَتها بين الغانمين، وإنْ كان بلال وأصحابه يجادلونه في ذلك، وقال لهم: إنِّي وجدْتُ في كتاب اللَّه تعالى ما يغنيني عن موافقتكم، وقرأ هذه الآيات، وجعلها خراجيَّة؛ ليصل ذلك إلى جميع المسلمين قرنًا بعد قرن (٢).

* * *

(١١) - {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}.

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ}: هو ما ذكرنا من قول عبد اللَّه بن أبيٍّ المنافق وأصحابه لعنهم اللَّه لبني النَّضير: لئن أُخرجتم عن أرضكم لنخرجنَّ معكم، ولا نفترق في سفر ولا حضر.

{وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ}: أي: في خذلانكم {أَحَدًا} سألَنا ذلك {أَبَدًا}.


(١) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣١٩٠)، وأبو عبيد في "الأموال" (٥٢٦)، وابن زنجويه في "الأموال" (٨٤)، والطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥١٦). وبنحوه البخاري (٣٠٩٤)، ومسلم (١٧٥٧).
(٢) انظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٥/ ٢٨٢)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٧/ ٣٨).