(١٣ - ١٤) - {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (١٣) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}.
قوله تعالى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ}: أي: إنَّكم يا معشرَ المخلِصين في قلوب المنافقين أهيَبُ مِن اللَّه تعالى، فكيف يثبتون لكم؟
وهذا تثبيتٌ من اللَّه تعالى للمؤمنين، وبشارةٌ من اللَّه تعالى بانهزامِ هؤلاء المنافقين لو قاتلوهم.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ} لسوءِ تمييزهم، ولو ميَّزوا الأمور بعقولهم لعلموا أنَّ اللَّه تعالى أحقُّ بأنْ يُهابَ.
قوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا}: أي: هؤلاء المنافقون والكفَّار وإن كانوا مجتمعين {إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ} بالحيطان والأسوار والدُّروب والأبواب؛ لجبنهم، يقدِّرون أنَّها تمنعُهم منكم، كما توهَّم بنو النَّضير أنَّ حصونَهم مانعتُهم من اللَّه.
{أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ}: أي: أو من خلفِ حيطان، جمع جدار، يستترون بها، يرمونكم بِنبلٍ أو حجارةٍ.
وهذا تقويةٌ من اللَّه تعالى للمؤمنين، وبيانٌ أنَّ هؤلاء ليسوا كالمشركين الذين قاتلوكم ببدر مُصْحرين (١)، وقد نصركم اللَّه على أولئك، فكيف بهؤلاء؟
{بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ}: قيل: أي: إذا لم يكن يَلْقَوا العدوَّ وصفوا أنفسهم بالشِّدة؛ أي: بأسهُم عند أنفسِهم شديد.
(١) مصحرين: بارزين في الصحراء. انظر: "أساس البلاغة" للزمخشري (مادة: صحر).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute