وقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}: نزلَتْ في حاطب بن أبي بلتعة ومكاتبته قريشًا بما كان من عَزْمِ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على غزوهم، وكان يعمِّي في ذلك حتى يفاجئهم، فكتب إليهم حاطبُ يخبرهم بعزم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إتيانهم، وكان قصدُه بذلك أن يتَّخذَ عندهم يدًا؛ ليَحْموا بذلك أقرباءَه بمكَّة، إذ كان حاطبٌ من أهل اليمن من الأزد، فكان له حِلْفٌ بمكَّة في بني أسد بن عبد العزَّى رهط الزُّبير بن العوَّام.
فقدمَتْ من مكَّة امرأة يقال لها: سارة، مولاة أبي عَمرو بن صيفيِّ بن هاشمِ بن عبد مناف، قدمت المدينة، فلمَّا رآها النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لها:"أمهاجرةً جئْتِ يا سارة؟ " قالت: لا، قال:"فما جاء بك؟ "، قالت: كنتم الأهل والموالي والأصل، وقد ذهب مواليَّ واحتجْتُ فجئْتُكم، قال:"فأين أنتِ من شباب أهل مكَّة؟ "، وكانت مغنِّية نائحة، قالت: ما طُلِبَ منِّي شيءٌ بعد وقعة بدر، فحثَّ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بني عبد المطَّلب، فحملوها وكسَوها، وأعطَوها نفقة، فخرجَتْ إلى مكَّة.
فأتاها حاطب، وقال لها: أعطيْكِ عشرةَ دنانير وبُردًا على أن تبلِغي هذا الكتاب