للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأنزل فيه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ} (١).

وفيه دليل على أنَّ الكبيرة لا تسلُبُ اسمَ الإيمان.

يقول: لا تتَّخذوا المشركين الذين هم أعدأئي وأعداؤكم أولياء تنصروهم وينصرونكم.

والعدوُّ جمعٌ، كما في قوله: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} [الشعراء: ٧٧]، وقوله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ} [المنافقون: ٤].

{تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}: أي: تلقون مودَّتكم إليهم.

قال الكسائيُّ والأخفش والفرَّاء: ألقَيتُ كذا وبكذا، لغتان فصيحتان (٢).

قال أبو تمَّام فيها:

وأروعَ لا يُلقي المقاليدَ لامرئٍ... وكلُّ امرئٍ يُلقي له بالمقالِدِ (٣)

و {تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} صلة قوله: {أَوْلِيَاءَ}.

{وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}: أي: كيف تتولَّونهم وهم كفروا بما جاءكم من عند اللَّه من الدِّين الحقِّ وعادَوكم عليه.

{يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ}: للمعاداة من أوطانكم.

{أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ}: أي: من أجلِ أنكم آمنتم بربِّكم؛ أي: كيف ترجُون استصلاحهم وقد تأكَّدتْ بينكم العداوة وظهرَت آثارها.


(١) روى خبر حاطب بن أبي بلتعة عامة كتب التفسير والحديث بألفاظ متقاربة، ورواه البخاري (٤٢٧٤)، ومسلم (٢٤٩٤) من حديث علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه.
(٢) انظر: "معاني القرآن للفراء" (٣/ ١٤٧).
(٣) انظر: "ديوان أبي تمام" (ص: ٥٩).