للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّك لهند"، قالت: نعم، والإسلام يجُبُّ ما قبلَه، فقال: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف".

ثم قال: {وَلَا يَزْنِينَ}، فقالت هند: أفٍّ، وهل تزني الحرَّة قط، فقال عمر رضي اللَّه عنه: لو كان قلب نساء العرب على قلب هند ما زنَتْ امرأةٌ منهنَّ قط.

ثم قال: {وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ}، فقالت هند: ربَّيناهم صغارًا، فقتلتُموهم يوم بدر كبارًا، قال فضحك عمرُ رضي اللَّه عنه حتى استلقى.

ثم قال: {وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ}، قالت: واللَّه إنَّ البهتان لأمر قبيح، وما يأمرنا رسول اللَّه إلَّا بالرُّشد ومكارم الأخلاق.

ثم قال: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}، فقالت هند: واللَّه ما جلسنا مجلسًا منك وفي أنفسنا أن نعصيَك.

فبايعهن عمر للنَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، واستغفر لهنَّ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (١).

قال الزُّهريُّ: كان هذا بالحديبية، وهذه البيعة يوم فتح مكَّة (٢).

وقال الكلبيُّ وسعيد بن المسيِّب وزيد بن أسلم وقتادة: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ}: النَّوح، وتمزيق الثِّياب، وحلق الشُّعور، وشقُّ الجيوب، وخمش الوجوه، ولا يحدِّثْنَ الرِّجال، ولا تخلو امرأة برجل غيرِ مَحْرَمٍ، ولا يسافرْنَ فوق ثلاثة أيَّام بغير محرم (٣).


(١) ذكره ابن أبي حاتم مختصرًا في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٥١) عن مقاتل بن حيان. وذكره مقاتل بن سليمان في "تفسيره" (٤/ ٣٠٦)، ورواه ابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٨/ ١٨٨ - ١٨٩) عن ميمون بن مهران، ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٢/ ٥٩٦) عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٢) لم أقف عليه، وقال الآلوسي في "روح المعاني" (٢٧/ ٩٤): والمبايعة وقعت غير مرة ووقعت في مكة بعد الفتح وفي المدينة.
(٣) ذكره عنهم عدا قتادة الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٢٩٨)، وذكره الواحدي في "البسيط" (٢١/ ٤٢٤) =