للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ودلَّ على أنَّ النُّزول أفضلُ من الرُّكوب، فإنَّ التَّراصَّ فيه أمكنُ.

وقال إبراهيم النَّخعيُّ: ثلاث آيات منعَتْني أن أقصَّ على النَّاس: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٤٤]، {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} [هود: ٨٨]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ} الآية (١).

فدلَّ أنَّ الآية عامَّة، وليست بمقتصرةٍ على القتال.

* * *

(٥) - {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.

وقوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي} الآية: أَتبعَ الأمرَ بالجهادِ قصَّة موسى وعيسى عليهما السلام، واختلافَ قومهما عليهما فيما أمراهم به من نصر دين اللَّه، وما كان من النَّصر والظَّفر لمن وافقهما على ذلك.

وقوله تعالى: {لِمَ تُؤْذُونَنِي} يحتملُ ما قال: {لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: ٦٩]، وقد بيَّنا في تلك الآية.

وقيل: هو ما دسَّ قارون إلى امرأةٍ تدَّعي على موسى أنَّه زنى بها، وقد بيَّنا ذلك في تلك القصَّة.

وقيل: هو قولهم: اجعل لنا إلهًا كما لهم آلهةٌ.

وقيل: هو قولهم: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: ٢٤].


(١) ذكره القرطبي في "تفسيره" (٢٠/ ٤٣٦). وروى نحوه البيهقي في "الشعب" (٧٥٦٩) عن ابن عباس في قصة أنه وعظ بهن رجلًا جاءه يريد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.