للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هو قول اليهود: {إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ} [آل عمران: ١٨١]، وقولهم: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: ٦٤].

قوله تعالى: {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ}: أي: لمَ تؤذونني مع معرفتكم أنِّي رسول اللَّه إليكم، أَخبر أنَّ الذَّنب في إيذائه مع معرفتهم بنبوَّته أعظمُ؛ فإنَّ العلم بتحريم الشَّيء هو أحدُ الزَّواجر عنه، فكلَّما كانت الزَّواجر أكثر كان الإثم في ارتكابه أكبر.

{فَلَمَّا زَاغُوا}: أي: مالوا إلى الباطل {أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}؛ أي: خذلهم وحرمَهم توفيق اتِّباع الحقِّ.

ودلَّ ذلك على أنَّ اللَّه تعالى خالقُ أفعالِ العباد، حسَنِها وقبيحِها، ظاهرِها وباطنِها، وأنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن علم منه اختيارَ الضَّلال، ويهدي مَن علم منه اختيار الاهتداء.

{وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}: ما داموا مختارين للفسق، ثابتين عليه.

* * *

(٦) - {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}.

{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ}: {مُصَدِّقًا} نصب على القطع؛ لأنَّه نكرة نُعِتَ به معرفةٌ، وكذا قوله: {وَمُبَشِّرًا}.

يقول: أنا موافِق لِمَا نزل قبلي من التَّوراة، وفيها صفتي، ولم أتكلَّم بشيء يكذِّب التَّوراة فتنفروا عنِّي.

{وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ}: لتؤمنوا به، فتستكمِلوا الثَّواب بإيمانكم بمن كان قبلي وبي وبمن يكون بعدي.