للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

براحلته يريه وجهَه، ورسول اللَّه يستحثُّ راحلتَه: حل حل؛ إذ نزلَ عليه الوحيُ.

قال زيدُ بن أرقم: فما هو إلَّا أن رأيْتُ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تأخذه البُرَحاء، ويعرق جبينُه، وتثقلُ به راحلته حتى ما تكاد تُقلَّه، عرفْتُ أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُوحَى إليه، فسُرِّيَ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأخذ بأذني وأنا على راحلتي، حتى ارتفعْتُ عن مقعدي يرفعُها إلى السَّماء، وهو يقول: "وَفَتْ أُذُنُكَ يا غلام، لقد صدَّقَ اللَّهُ حديثَكَ"، وأنزل اللَّه تعالى في ابنِ أُبيٍّ السُّورة من أوِّلها إلى آخرها: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} (١).

قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ}: بذاته، {وَلِرَسُولِهِ} بإعزازه، {وَلِلْمُؤْمِنِينَ} لأنَّهم أتباع رسولِه -صلى اللَّه عليه وسلم- {وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} مواضعَ العزَّة.

وقال بعض أهل العلم: عِزُّ اللَّهِ: عِزُّ الملك والبقاء، وعِزُّ العظمة والكبرياء، وعِزُّ البذل والعطاء، وعِزُّ الرِّفعة والسَّناء، وعِزُّ الجلال والبهاء.

وعِزُّ الرَّسول: عِزُّ السَّبق والابتداء، وعزُّ الاختيار والاصطفاء، وعِزُّ الأذان والنِّداء، وعِزُّ قَدَم الصِّدق على الأنبياء، وعِزُّ الظُّهور على الأعداء.

وعِزُّ المؤمنين: عِزُّ التَّأخير، وعِزُّ التَّيسير، وعِزُّ التَّبشير، وعِزُّ التَّوفيق، وعِزُّ التَّكثير (٢).

وقال عليه الصَّلاة والسَّلام: "نحن الآخِرون الأوَّلون" (٣)، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [القمر: ١٧]، {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [الأحزاب: ٤٧]، {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: ٢٦١]، "تناكحوا توالدوا (٤) تكثروا" (٥)،


(١) انظر: "مغازي الواقدي" (٢/ ٤١٦ - ٤٢٠).
(٢) في (أ): "التوفير وعز التكبير"، وفي (ر): "التوقير وعز التكبير".
(٣) رواه مسلم (٨٥٥) من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) "توالدوا" من (ف).
(٥) رواه الشافعي في "الأم" (٥/ ١٤٤) عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلاغًا وزاد: "فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة =