فقال النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا يتحدَّث النَّاسُ أنَّ محمَّدًا يقتل أصحابه".
وقام النَّفر من الأنصار الذين سمعوا قول النَّبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وردِّه على الغلام، فجاؤوا إلى ابن أُبيٍّ فأخبروه، فقال أوس بن خَوْلي: يا أبا الحُبَاب، إنْ كنْتَ قلْتَه فأخبرِ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فليستغفرْ لك، ولا تجحدْ فينزلَ فيك ما يكذِّبُك، وإنْ كنْتَ لم تقلْهُ فأتِ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاعتذر إليه، واحلفْ لرسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ما قلْتَه.
فحلف باللَّه العظيم ما قال من ذلك شيئًا، ثم مشى ابنُ أبيٍّ إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال له رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يا ابنَ أُبيٍّ، إنْ كانت سلفَتْ منك مَقالة فتُبْ (١) "، فجعل يحلِفُ باللَّه: ما قلْتُ ما قال زيدٌ، وما تكلَّمْتُ به.
وفي حديث عمر: أذِنَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالرَّحيل حين بلغَه هذا الكلام، وكانوا في حرٍّ شديدٍ، وكان لا يَرُوْحُ حتى يُبْرِدَ، ولَمَّا ركب ناقته القصواء كان أوَّل مَن لقيه سعد بن عبادة، فقال: السَّلام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة اللَّه وبركاته، قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وعليك السلام"، قال: يا رسول اللَّه، لقد رحلْتَ في ساعة منكرة، لم تكن ترحل فيها.
وقيل: لقيه أُسَيْدُ بنُ حضير -وهو أثبتُ- فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ألم يبلغْكَ ما قال صاحبُكم ابنُ أُبي، زعمَ أنَّه إنْ رجعَ إلى المدينة أخرجَ الأعزُّ منها الأذلَّ"، قال: فأنت يا رسول اللَّه تخرجُه إنْ شئْتَ، فهو الأذلُّ، وأنت الأعزُّ، والعزَّةُ للَّه ولرسوله وللمؤمنين، ثم قال: ارفقْ به يا رسول اللَّه، فواللَّه لقد جاءَ اللَّهُ بك، وإنَّ قومه ليَنْظُمون له الخرز ليتوِّجوه به، فجاء اللَّه بك على هذا الحديث، فلا يرى إلَّا أن قد سلبْتَه ملْكَه.
قالوا: فبينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يسير من يومِه ذلك وزيد بن أرقم يعارض النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-