للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قال مقاتل بن حيَّان: نزلت الآية في شأن الهجرة، جعل المرأة والولد يقولان للرَّجل: أين تذهب وتدع عشيرتك وأهلك ومالك، وتصير إلى المدينة إلى غير أهل ومال؟ فيثبِّطونهم (١) عن الهجرة، فكان الرَّجل يقول لهم: إنْ جمعنا اللَّه وإيَّاكم في دار الهجرة لا تصيبون منَّا خيرًا، فحذَّرهم اللَّه تعالى أن يطيعوا نساءهم وأولادهم في ترك الهجرة، فلمَّا جمعهم اللَّه تعالى وأولادهم في دار الهجرة منعوهم ما ينتفعون به، فوعظهم اللَّه تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فأمرَهم اللَّهُ بالعفو عنهم (٢).

وقال عكرمة: إنَّ قومًا أسلموا بمكَّة، فلمَّا أرادوا أن يخرجوا إلى المدينة منعتهم (٣) أزواجُهم وأولادهم، فلمَّا قدموا على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينةَ رأوا النَّاس وقد تفقَّهوا في الدِّين، فأرادوا أن يعاقبوا أزواجهم وأولادهم، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية (٤).

وقال عطاء بن أبي مسلم الخراسانيُّ: نزلت الآية في شأن عوف بن مالك الأشجعيِّ، كان أهله وولده يبطِّئونه عن الجهاد والهجرة (٥).

وقيل: الآية في أزواجٍ وأولادٍ كفَّار، وهم عدوٌّ له للمخالفة في الدِّين، ولذلك قال: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ} بكلمة (مِن)، وهي للتَّبعيض، والمؤمنون خارجون عن هذا الوصف.


(١) في (أ) و (ف): "فيبطئونهم".
(٢) نحوه في "تفسير مقاتل بن سليمان" (٤/ ٣٥٣).
(٣) في (ف): "فأرادوا أن يخرجوا إلى المدينة فمنعهم".
(٤) رواه الترمذي (٣٣١٧) من حديث ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال: حديث حسن صحيح. ورواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ١٤) عن عكرمة.
(٥) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٣٠) عن عطاء بن يسار وعطاء الخراساني.