للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٥) - {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}.

وقوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}: أي: في دينكم، يمنعكم الأولاد عن إنفاقها في الواجب في الدِّين.

والفتنة: تشديد المحنة.

ومَن أراد الامتناع عن مطاوعة الأهل والولد، وأراد صيانة ماله عن أن يدخله نقصان مع أداء الحقوق الواجبة (١) فيه، احتاج في ذلك إلى ضبطٍ للنَّفس شديد، وجهاد للشَّيطان كبير.

قوله تعالى: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}: فاعصُوا النَّفس والأهل والولد في الشُّحِّ بالمال والضِّنِّ بالنَّفس عن الجهاد.

قال عطاء بن يسار: نزلت هذه السورة كلُّها بمكَّة إلَّا هؤلاء الآيات: {إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ}، نزلت في عوف بن مالك، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا ورقَّقوه، وقالوا: إلى مَن تدعنا؟ فيرقُّ ويقيم، فنزلت هذه الآية (٢).

وقيل: هي عامَّة في كلِّ ما يُلجِئُ الرَّجلَ إلى ارتكاب محرَّم أو إلى الإخلال بترك واجب بسببهم.

ورُوي عن بريدة أنَّه قال: رأيْتُ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يخطب، فجاء الحسنُ والحسين رضي اللَّه عنهما، عليهما قميصان، يعثران ويقومان، فنزل رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخذهما فرفعهما، ثم قال: "صدق اللَّه تعالى: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ}، رأيْتُ هذين الغلامَيْن، فلم أصبر حتَّى أخذْتُهما"، ثم أخذ في خطبته (٣).


(١) في (ر): "الحق الواجب".
(٢) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ١٥).
(٣) رواه أبو داود (١١٠٩)، والترمذي (٣٧٧٤)، والنسائي (١٤١٣)، وابن ماجه (٣٦٠٠). وقال =