للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١٦) - {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

وقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}: قال قتادة: لَمَّا نزل قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢]، وفسَّره النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو أنْ يُطاعَ فلا يُعصى، ويُذكَرَ فلا يُنسى، ويُشكَر فلا يُكفَر، شقَّ ذلك على المسلمين مشقَّة شديدة، وخافوا التَّقصير في ذلك، فنزلَتْ هذه الآية (١): {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، فصارت بيانًا أنَّ ذلك الأمر كان بما في استطاعة العبد، وعليها بايع النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-أصحابَه، فقال: "على السَّمع والطَّاعة فيما استطعتم" (٢).

واتِّصالها بما قبلَها: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} تُحرِزوا ذلك الأجرَ العظيم.

قوله تعالى: {وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا}: اقبَلوا أمرَ اللَّه وأمرَ رسوله، واعملوا بذلك ما استطعتم.

{وَأَنْفِقُوا} في سبيل اللَّه {خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ}؛ أي: يكن أنفعَ لكم من الشُّحِّ.

{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} هو: أي: يَقِهِ اللَّه عنه (٣) {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.

* * *


= الترمذي: حسن غريب.
(١) في (أ): "فنزل قوله"، وفي (ر): "فنزلت في هذه الليلة".
(٢) رواه عبد الرزاق في "تفسيره" (٣٢٢٩)، والطبري في "تفسيره" (٢٣/ ١٩). ورواية عبد الرزاق مختصرة. والمرفوع رواه البخاري (٧٢٠٢) عن عبدِ اللَّه بن عمرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: كُنَّا إذا بايَعْنا رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- على السمع والطَّاعة، يقولُ لنا: "فيما استطَعْتُم"
(٣) في (أ): "منه".