للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الدُّنيا {تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}: لطلب رضا زوجاتك؛ أي: هنَّ أحقُّ بابتغاء رضاك منك بابتغاء رضاهنَّ، فإنَّما فضيلتهنَّ بك.

{وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}: لا يُلزمك ما ألزمْتَ نفسَك من تحريم الحلال عليك، بل يبيح ذلك لك، ويجعل لك منه المخرج.

واختلف فيما حرَّمه على نفسه:

قيل: هو مارية القِبطيَّة. قال ابن إسحاق: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أصابَ جاريته القبطيَّة أمَّ إبراهيم في بيت حفصة وفي يومها (١)، وكانت الجارية قد ثقلَتْ على عائشة وعلى نسائه رضي اللَّه عنهنَّ، فعثرَتْ حفصةُ على ذلك وهو معها، فقالت: يا رسول اللَّه، لقد جئْتَ إليَّ شيئًا ما جئْتَ إلى أحد من نسائك، أوَفي بيتي وعلى فراشي وفي يومي (٢)؟ قال: "أيرضيْكِ أنْ أحرِّمَها على نفسي، فلا أمسَّها؟ "، قالَتْ: نعم. فحرَّمها على نفسه، وقال: "لا تذكريه لأحدٍ من النِّساء"، قالَتْ: أفعل، وكانت حفصة لا تكتم على عائشة شيئًا، فلمَّا خرج النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ذهبَتْ إلى عائشة رضي اللَّه عنها فأخبرتها، فأنزل اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، قال: فكفَّرَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيمينه، وأصاب الجارية (٣).


(١) في (ف): "نوبتها".
(٢) في (ف): "وفي نوبتي".
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٨٨). ورواه الدارقطني في "سننه" (٤٠١٣) من حديث عمر رضي اللَّه عنه، دون قوله في آخره: (فكفَّرَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بيمينه، وأصاب الجارية).
قال الشهاب الخفاجي في "الحاشية على البيضاوي" (٨/ ٢١٠): اختلف في سبب النزول فقيل: قصة مارية، وقيل: قصة العسل، وقال في شرح مسلم الصحيح أنها في قصة العسل، لا في قصة مارية المروية في غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح. وانظر: "شرح مسلم" للنووي (١٠/ ٧٧).