للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقيل: بل حرَّم على نفسه شرابًا، وكان يشربه عند بعض نسائه، فغار سائرهنَّ، فحرَّم ذلك على نفسه، فاختلفت الرِّوايات في المرأة التي كان ذلك عندها:

فقيل: زينب بنت جحش.

وقيل: سودة بنت زمعة.

وقيل: حفصة بنت عمر (١).

قال عبيد بن عمير عن عائشة رضي اللَّه عنها: إنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يمكُثُ عند زينبَ بنتِ جحشٍ، ويشرب عندها عسلًا، فتواصيْتُ أنا وحفصة أنَّ أيَّتَنا دخلَ عليها النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلتقُلْ: إنِّي أجدُ منكَ ريحَ مغافيرَ (٢)، أكلْتَ مغافيرَ؟ فدخل على إحداهما، فقالَتْ له ذلك، فقال: "لا، بل شربْتُ عسلًا عند زينبَ بنتِ جحشٍ، ولنْ أعودَ إليه"، فنزلَتِ الآيةُ (٣).

وقال عروةُ عن عائشة رضي اللَّه عنها: كان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يحبُّ الحلواءَ والعسلَ، وكان إذا صلَّى العصرَ دارَ على نسائه، فيدنو منهنَّ، فدخلَ على حفصةَ، فجلس عندها أكثرَ ممَّا كان يجلسُ، فسألْتُ عن ذلك، فقيل لي: أهدَتْ إليها امرأةٌ من قومِها عُكَّةَ عسلٍ، فسقَتْ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقلْتُ: واللَّه لنحتالَنَّ له، فذكرْتُ ذلك لِسَوْدَةَ، فقلْتُ: إذا دخلَ عليك فإنَّه سيدنو منك، فقولي له: يا رسول اللَّه، أكلْتَ مغافير؟ فإنَّه


(١) ستأتي الروايات بهذه الأقوال لاحقًا. وانظر طريق الجمع أو الترجيح بينها في "فتح الباري" (٩/ ٣٧٦).
(٢) المغافير: شيء ينضجه العرفط، حلو كالناطف وله ريح كريهة.
والعرفط: جمع عرفطة، وهو شجر من العضاه زهرته مدحرجة، والعضاه: كل شجر يعظم وله شوك كالطلح والسمر والسلم ونحو ذلك. وفي الرواية الآتية: (جرست نحلُه العرفط)؛ أي: أكلته.
انظر: "جامع الأصول" لابن الأثير (٢/ ٣٩٧).
(٣) رواه البخاري (٥٢٦٧)، ومسلم (١٤٧٤/ ٢٠).