للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢) - {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.

وقوله تعالى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}: أي: قدَّر اللَّهُ لكم ما تحلِّلون به أيمانكم وهي الكفَّارة.

وقيل: قد أوجبَ عليكم، فقد جعل اللَّه تحريم الحلال يمينًا، وقد أوجب فيه الكفَّارة، وهو مذهبنا.

وكذلك كان قول عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه وطاوسٌ والحسن والثَّوري وأهل الكوفة.

و {لَكُمْ} في معنى: (عليكم)، كقوله: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [الإسراء: ٧]؛ أي: فعليها.

فمَن لم يجعل تحريمَ الحلال يمينًا -وهو قول مالك والشَّافعي وجماعةٍ- فإنَّه يقول في تأويل قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}: قد بيَّن لكم تحليل ما ملكت أيمانكم، كما قال: {فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ} [الأحزاب: ٣٨]؛ أي: بيَّنه له؛ أي: بيَّن أنَّ إماءكم حلالٌ عليكم، ولا تحرُم عليكم بيمينكم.

وعن جعفر بن بَرْقان قال: قلْتُ لميمون بن مِهْرانَ: أرأيْتَ قوله: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، أتقول: قد أحللْتُ لكم ما ملكَتْ أيمانُكُم، أم تقول: قد فرضْتُ عليكم


= ورواه مختصرًا الطبراني في "المعجم الكبير" (١١٢٢٧). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٢٧): رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
وعزاه أبن حجر في "فتح الباري" (١٢/ ٣٤٣) إلى الطبراني وابن مردويه من طريق أبي عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، وقال: ورواته موثقون إلا أن أبا عامر وهم في قوله: سودة، وذكر فيه حديث عائشة.
وعزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٢١٣) إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه.