للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي حديث عُبيد بن عمير عن عائشة رضي اللَّه عنها: هو حديث العسل (١).

وقال الكلبيُّ: أسرَّ إليها أنَّ أباكِ وأبا عائشة يكونان خليفَتَيْن على أمَّتي بعدي (٢).

وقال في قوله: {عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ} أنَّه قال: يا حفصة، ألم أكُ أمرْتك أن تكتمي سرِّي ولا تبديه (٣) لأحد؟ فذكر بعضَ الذي قالت، وأعرض عن بعضٍ فلم يبده لها (٤).

وقيل: {عَرَّفَ بَعْضَهُ}؛ أي: جازاها على بعض ذلك، وغضب عليها، {وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}، فلم يجازها عليه، فوصفَه جلَّ جلالُه بالإغماض وتركِ التَّقصِّي واستعمالِ الحِلم؛ إذْ لم يجازها بكلِّ ما تستحقُّه على إفشاء سرِّه وعصيانها إيَّاه.

{فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ}: أي: أخبرَتْ بالحديث {وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ}؛ أي: وأعلم اللَّه نبيَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّ حفصة قد أفشَتْ سرَّه.

{عَرَّفَ بَعْضَهُ}: قرأ الكساِئيُّ بالتَّخفيف، وقال الفرَّاء: معناه: غضبَ عليها به، وجازاها عليه، وهو كقولك لمن أساء إليك: لأَعْرِفنَّ ذلك لك (٥).


(١) تقدم قريبًا.
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٤٥)، والواحدي في "البسيط" (٢٢/ ١٣) عن الكلبي. ورواه الدارقطني في "سننه" (٤٣٠٢) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٦٤٠) من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما. قال ابن كثير في "تفسيره": إسناده فيه نظر. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ١٧٨): فيه إسماعيل البجلي وهو ضعيف، والضحاك لم يسمع من ابن عباس.
(٣) في (أ): "تبدي منه".
(٤) ذكره ابن أبي زمنين في "تفسيره" (٥/ ٦) عن الكلبي. ورواه الدارقطني في "سننه" (٤٣٠٢) من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.
(٥) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ١٦٦).