للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقرأ الباقون بالتَّشديد (١)؛ أي: أعلم حفصةَ بعضَ ذلك.

{وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ}: أي: سكتَ عنه، وكانت ذكرَتْ لعائشة أنَّه أصابَ مارية، وأنَّه حرَّمَها على نفسِه، والنَّبيُّ عليه الصلاة والسَّلام قال لها: إنَّك قد ذكرْتِ كذا، وذكرَ بعضَ ذلك دون الكلِّ، وهو من معاملة الكرام، وهو تركُ الاستقصاء في الملام.

{فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}: جمعَ بينَ اللُّغتين، وهو أنبأ ونبَّأ.

ظنَّتْ أنَّ صاحبتَها أخبرَتْهُ بذلك، فقالَتْ: {مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا}.

{قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ}: {الْعَلِيمُ} اللَّهُ العالمُ بكلِّ شيءٍ، {الْخَبِيرُ} ببواطن الأشياء.

* * *

(٤) - {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}.

قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ}: خاطب عائشةَ وحفصةَ بذلك {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}: أي: مالَتْ عن الحقِّ؛ يعني: فقد كان منكما ما يوجب التَّوبة؛ إذ قد مالَتْ قلوبُكُما عن الحقِّ الواجب للَّه ولرسوله عليكما.

وقيل: أي: مالَتْ إلى محبَّةِ ما كرهَه رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-.

والصَّغو: الميل، وفي صرفِه وجهان:

صغَا يصغُو من باب دخَل يدخُلُ، وعلى هذه اللُّغة ما في هذه الآية.

وصغِيَ يصغَى من باب علِمَ يعلَمُ، وعلى هذه اللُّغة قوله: {وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ} [الأنعام: ١١٣].


(١) انظر: "السبعة في القراءات" لابن مجاهد (ص: ٦٤٠)، و"التيسير" للداني (ص: ٢١٢).