للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولا نعرفه من باب منع.

و {قُلُوبُكُمَا} على الجمع مع إضافتها إلى الاثنين هو الاستعمال الغالب في اللُّغة فيما كان في الإنسان من الأعضاء فردًا غيرَ مثنًّى.

وفيه وجهان آخران: الإفراد والتَّثنية، قال الشَّاعر:

كأنَّهُ وَجْهُ تُرْكِيَّيْنِ قَدْ غَضِبَا... مُسْتَهْدِفٌ لِطِعَانٍ غَيْرُ تَذْبِيْبِ (١)

وقال آخر في التَّثنية والجمع:

ظهراهما مثلُ ظُهورِ التُّرسَيْنِ (٢)

قوله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}: أصله: تتظاهرا؛ أي: تتعاونا على إيذائه.

{فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ}: أي: حافظُه ودافعُ الضَّرر عنه، ورادٌّ كيدَ مَن أراده بسوء.

{وَجِبْرِيلُ} عليه السَّلام أيضًا ينصره.

{وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ}: إنْ أريد به الفرد فقد قيل: هو عمر رضي اللَّه عنه، فقد روي


(١) البيت للفرزدق، كما في "ديوانه" (ص: ٣٧١)، وفيه: "منحجر" بدل "تذبيب"، وهو من قصيدة رائية، والمصنف تابع فيه الفراء كما في "معاني القرآن" (١/ ٣٠٨). والبيت من قصيدة للفرزدق هجا بها جريرًا تهكَّم به وجعله امرأة. وقوله: (كأَنه وَجه تركبين) المُراد بالضمير الفرج، شبه كل فلقة منه بوجه تركي، والأتراك غلاظ الوجوه عراضها حمرها. وجملة: (قد غَضبا) حَالٌ من (تركيين) على طرز قوله تعالى: {أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا} [الحجرات: ١٢]، و (مستهدف) صفة لـ (وجه)، وهو اسم فاعل من استهدف؛ أَي: انتصب، والطعان بالكسرِ: مصدر طعنه بالرُّمحِ طَعنًا وطعانًا. و (غير) بالرفع صفة لـ (مستهدف). انظر: "خزانة الأدب" للبغدادي (٧/ ٥٤٢ - ٥٤٣).
(٢) الرجز لخطام المجاشعي، كما في "الكتاب" لسيبويه (٢/ ٤٨)، و"خزانة الأدب" (٢/ ٣١٤).
ولهميان بن قحافة، كما في "الكتاب" لسيبويه (٣/ ٦٢٢)، و"أمالي ابن الشجري" (٢/ ٤٩٦).