للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

{وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}: يقولون ذلك استهزاء.

{قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ}: أي: علمُ وقته {وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ}؛ أي: مخوِّف ظاهر، وعليَّ الإنذار الذي أُمِرْتُ به دون الإعلام عن وقته الذي لم يُعْلمْني اللَّه به.

* * *

(٢٧ - ٢٨) - {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (٢٧) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}.

{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}: أي: وإذا رأوا العذابَ الذي وُعِدوه في الحشر قريبًا منهم {سِيئَتْ وُجُوهُ}؛ أي: وردَ عليهم منه ما ساءَهم؛ أي: أحزنَهم، وهو خلاف سَرَّهم.

وخصَّ الوجوه بالذِّكر لأنَّ الوجه هو الذي يظهر عليه أثر المسرَّة والمساءة.

{وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ}: أي: وتقول لهم الملائكة والأنبياء والمؤمنون: {هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ}؛ أي: تجتمعون على الدُّعاء به، كما في قوله: {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: ٣٢]، {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} [ص: ١٦]، والادِّعاء كالتَداعي، كالاقتتال هو كالتَّقاتل.

وقال الأخفش: دعا وادَّعى واحدٌ (١).

وقال مجاهدٌ: أراد به العذاب في الدُّنيا، وهو ما رأوه ببدر (٢).

قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا}: أي: قل يا محمَّد للذين يقولون فيك: {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠]: إنْ أماتني اللَّه تعالى، كما قال: {إِنِ


(١) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (٢/ ٥٤٦).
(٢) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٩/ ٣٦١).