للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وانتظام السُّورتين في المعنى (١): أنَّهما في الدَّعوة إلى التَّوحيد، ونجاةِ مَن أجاب إليه، وهلاكِ مَن لم يُجب.

* * *

(١) - {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا}.

وقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: انطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ، وقد حيل بين الشَّياطين وبين خبر السَّماء، وأُرسلَتْ عليهم الشُّهب، فرجعَتِ الشَّياطين إلى قومهم فقالوا: ما لكم؟ قالوا: حيل بيننا وبين خبر السَّماء، وأرسلَتْ علينا الشُّهب، قالوا: ما حيل بيننا وبين خبر السَّماء إلَّا من حدثٍ! فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها، فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبينه؟ فانطلقوا، وانصرف أولئك النَّفر الذين توجَّهوا نحو تِهَامة إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهو بنخلةَ عامدًا إلى سوق عكاظ، وهو يصلِّي بأصحابه صلاة الفجر، فلمَّا سمعوا القرآن استمعوا له، فقالوا: هذا واللَّه الذي حال بينكم وبين خبر السَّماء، فهنالك رجعوا إلى قومهم، فقالوا: يا قومنا {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} فأنزل اللَّه تعالى هذه السُّورة (٢).

ففي هذه الرِّواية أنَّه ما قرأ على الجنِّ ولا دعاهم (٣).

وروى عاصم عن زرٍّ قال: قدم رهطُ زوبعةَ وأصحابِه مكَّة على النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فسمعوا قراءة النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم انصرفوا، فذلك قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا} [الأحقاف: ٢٩] الآيات، وكانوا تسعةً (٤).


(١) "في المعنى" ليس في (أ).
(٢) رواه البخاري (٧٧٣)، ومسلم (٤٤٩).
(٣) في (أ) و (ف): "رآهم".
(٤) رواه البزار في "مسنده" (١٨٤٦). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٧/ ١٠٦): (رواه البزار، =