للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي "المشافهات" (١) عن ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما قال: إنَّا لقُعودٌ مع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: "إنِّي قد أمرْتُ أن آتي الجنَّ، فمَن يصاحبُني منكم؟ "، فسكتوا، حتَّى قالها ثلاثًا فسكتوا، فقام فذهب وحده حتى بلغ البطحاء، فنظر وراءه، فإذا هو بابن مسعود رضي اللَّه عنه، فقام قائمًا حتى جاء، فقال: "مه؟ "، فقال: إنَّه ما حملتني الأرض حتى اتَّبعتُكَ، قال: "إنِّي قد أُمرْتُ وراء هذا الجبل بوادٍ فجٍّ (٢) إذا انحدرْتُ فيه، فإنِّي سأخطُّ لك خطًّا فادخلْهُ ولا تخرجَنَّ منه، فإنْ خرجْتَ منه لم ترني إلى يوم القيامة"، فانحدر (٣) في الوادي، فخطَّ وقال: "ادخلْهُ وأقبِلْ على قراءتك وصلواتك، فإنَّك ترى أشياء، ولا يخلصون إليك حتى تراني"، فصعد في أعلى الوادي (٤)، فاستفتح سورة الجنَّ، واجتمعت الجنُّ حتى امتلأ الوادي والجبال، وقرأ في الصَّلاة، فلمَّا صلَّى ركعتين انصرف، فسلَّموا عليه وقالوا: جئناك لخصومة قتيلٍ بيننا، فقضى فيه، فقالوا: رضينا بقضائك وآمنَّا بك. ثم ذكر حديث نبيذ التَّمر، وحديث الزَّاد، وكانوا جنَّ نصيبين، وأرضُهم بعيدة، وسألوا الزَّاد لذلك (٥).

وقوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ}؛ أي: قلْ يا محمَّد لأمَّتك: أوحَى اللَّه تعالى إليَّ أنَّه استمع -أي: إلى قراءتي- نفرٌ من الجنِّ.


(١) في (ف): "وفي كتاب تفسير المتشابهات" بدل من "وفي كتاب تفسير المشاهدات". وكتاب: "المشافهات" لعلي بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي السمرقندي، وسماه بذلك لأنه زَعَم أنَّ ما ذُكِرَ من التفسير كلُّه مسندٌ إلى رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فكأنَّه شافهه به، وقد تقدم ذكره وترجمة مؤلفه عند قوله تعالى: {قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [الأعراف: ٥٠].
(٢) بعدها في (ف): "حتى".
(٣) في (أ): "فأَندَرَّ" كذا وقعت مضبوطة.
(٤) في (ف): "الجبل".
(٥) لم أقف عليه.