للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ثم قال (١): فذكرْتُ ذلك لعمر بن عبد العزيز فقال: هذا مستفيضٌ بالمدينة، أمَّا الجنُّ الذي لقُوه بنخلة فجنُّ نِيْنوى، وأمَّا الذين لقُوه بمكَّة فجنُّ نَصيبين (٢).

وقد روى ابن مروان، عن ليث، عن أبي فَزارة، عن أبي زيد مولى عَمرو بن حريث، عن ابن مسعود في هذه السُّورة قال: لَمَّا أتَوا رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكَّة بقومِهم أتتْهُ شجرة من شجر الحرم، فآذنَتْه بهم، فقالت: يا رسول اللَّه، إنَّ نفرًا من الجنِّ بالحَجُون، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأصحابه: "إنِّي خارجٌ إليهم، فليقُم معي مَن أحبَّ، ولا يخرجَنَّ معي إليهم منكم رجلٌ في قلبه مثقال حبَّة من خردل من شكٍّ".

قال: فخرج معه ابنُ مسعود رضي اللَّه عنه، فلمَّا أتَوا الحَجُون خَطَّ على ابن مسعود خطًّا، ثم قال: "إيَّاك أن تعدوَ هذا الخطَّ، فإنَّك إنْ فعلْتَ لم ترني ولم أركَ أبدًا"، ثم انطلق رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولم أزل قائمًا في ذلك الخطِّ ليلي كلَّه، حتى إذا كان في وجه السَّحَر أتاني، فقال: "ما زلْتَ قائمًا؟ "، قلْتُ: نعم، قال: "فهل معك ماء"، وذكر التَّوضُّؤ بنبيذ التَّمر.

ثم نادى: الصَّلاة، فإذا رجلان من الجنِّ قد أجابا النِّداء، فقاما خلفَه وصلَّيا معه، فلمَّا انصرف رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الصَّلاة قال لهما: "ألم اقضِ حاجتكما؟ "، قالا: بلى يا رسول اللَّه، ولكنَّا سمعنا النِّداء بالصَّلاة، فجئنا لنصلِّي معك، فقال لهما رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قد أفلحْتُما، وأفلح مَن أنتما منه"، أو: "قد أفلحتما، وأفلح قومُكما"، ثم ذكر سؤالهما الزَّاد (٣).


(١) أي: ابن جريج. كما في "أخبار مكة". وكلمة "ثم" ليست في (ر) و (ف).
(٢) ذكره الفاكهي في "أخبار مكة" عقب خبر ابن جريج السابق.
(٣) رواه بلفظ قريب الإمام أحمد في "المسند" (٤٣٨١)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٩٩٦٢)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢٧). وإسناده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي. وانظر: "الدراية في تخريج الهداية" لابن حجر (١/ ٦٦). وذكره مقاتل في "تفسيره" (٤/ ٢٩).