للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قاله ابن جريج (١).

وأما مجاهد فقد قال: قال ابن مسعود: انطلق بي النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى إذا جئنا المسجد الذي عند حائط عوف خطَّ لي خطًا، فأتاه نفرٌ منهم، فقال أصحابنا: كأنَّهم رجال الزُّطِّ، وكأن وجوههم المكاكيُّ.

قال مجاهد: قالوا: ما أنت؟ قال: "أنا نبيُّ اللَّه"، قالوا: فمَن يشهدُ لك على ذلك؟ قال: "هذه الشجرة"، فقال: "تعالَي يا شجرة"، فجاءت تجرُّ عروقُها الحجارةَ لها فَقَاقع، حتى انتصحبَتْ بين يديه، فقال: "على ماذا تشهدين؟ "، قالت: أشهد أنَّك رسول اللَّه، قال: "اذهبي"، فرجعَتْ كما جاءَتْ تجر بعروقها الحجارة لها فَقَاقع، حتى عادَتْ حيث كانت، فسألوه الزَّاد، فزوَّدهم العظم والرَّوث (٢).

وزعم غير واحد أنَّ النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وضعَ رأسَه ليلتئذٍ على فخذ ابنِ مسعودٍ، فرقد ثم استيقظ للصُّبح، فقال: "هل من وضوء؟ "، فقال: لا، إلَّا أنَّ معي إداوة فيها نبيذٌ، فقال: "هل هو إلَّا تمرٌ وماء"، فتوضَّأ به (٣).


(١) رواه الفاكهي في "أخبار مكة" (٢٣١٩).
(٢) ذكره الفاكهي في "أخبار مكة" عقب خبر ابن جريج السابق.
(٣) رواه أبو داود (٨٤)، والترمذي (٨٨)، وابن ماجه (٣٨٤) من حديث عبد اللَّه بن مسعود رضي اللَّه عنه، دون قوله: "وضعَ رأسَه ليلتذٍ على فخذ ابنِ مسعودٍ، فرقد ثم استيقظ للصُّبح".
قال الترمذي: وإنما روي هذا الحديث عن أبي زيد، عن عبد اللَّه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث لا تعرف له رواية غير هذا الحديث، وقد رأى بعض أهل العلم الوضوء بالنبيذ منهم: سفيان، وغيره. وقال بعض أهل العلم: لا يتوضأ بالنبيذ، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وقال إسحاق: إن ابتلي رجل بهذا فتوضأ بالنبيذ وتيمم أحب إلي. وقول من يقول: لا يتوضأ بالنبيذ، أقرب إلى الكتاب وأشبه؛ لأن اللَّه تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [المائدة: ٦].