للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١ - ٢) - {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (١) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}.

وقوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}: قال سعيد بن جبير: {لَا} صلة، و {أُقْسِمُ} تأكيد (١). وهو كقوله: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} [الأعراف: ١٢]؛ أي: أن تسجد.

وقيل: {لَا} ردٌّ كلام الكفار، و {أُقْسِمُ} إثبات.

وقوله تعالى: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}: فيه وجهان أيضًا؛ أي: أقسم بالقيامة تحقيقًا لكونها وتعظيمًا لِمَا يكون فيها، وأقسم بالنَّفس اللَّوامة تنبيهًا على الأعجوبة العظيمة في خلقِها، وما تُعبِّدَت به من الأمانات التي اصبتِ السَّماوات والأرضون والجبال أن يحملْنَها وأشفقْنَ منها.

وقيل: هو للتَّنبيه على أنَّها تلوم نفسها يوم القيامة مع إنكارها اليوم ذلك.

واختلف في أنَّها نفسُ المؤمن أو نفسُ الكافر:

قال الحسن: إنَّ المؤمن لا تراه إلا لائمًا لنفسه، وإن الكافر يمضي قُدمًا لا يعاتِبُ نفسَه (٢).

وقال عكرمة: تلوم على الخير والشَّرِّ (٣)؛ أيْ لقلَّة صبرها، واستيلاءِ الجزع عليها، وهو كقوله: {خُلِقَ هَلُوعًا} [المعارج: ١٩].

وقال الكلبيُّ: هو كلُّ نفسٍ بَرَّةٍ أو فاجرة، تلوم نفسها يوم القيامة؛ إنْ كانت محسِنة أَلَا ازدادت (٤) إحسانًا للثَّواب، وإنْ كانت مسيئةً لامَتْ نفسها أَلَا أحسنَتْ لدفع العذاب (٥).


(١) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٦٦) بلفظ: " {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} قال: أقسم بيوم القيامة".
(٢) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (١٦١٦)، وابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس" (٤).
(٣) رواه الطبري في "تفسيره" (٢٣/ ٤٦٩)، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (١٠/ ٣٣٨٦).
(٤) في (ر) و (ف): "زادت".
(٥) ذكره السمرقندي في "تفسيره" (٣/ ٥٢٠) عن ابن عباس وعمر رضي اللَّه عنهم، وذكره الماوردي =