للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(١) - {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}.

وقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}: قال الفرَّاءُ: هو استفهام على وجه التَّقرير، بمعنى: قد أتى، كقولك لآخر: هل وعظْتُك؟ هل أعنْتُك (١)؟

وكذا قال الكسائيُّ والأخفش (٢).

ويدلُّ عليه قول أبي بكر الصِّدِّيق رضي اللَّه عنه: ليتَها كانت تمَّتْ فلم نُبْتَلَ (٣).

واختُلف في هذا الإنسان، وفي الإنسان المذكور في قوله: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} [الإنسان: ٢]:

قال أكثرهم: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}: هو آدم عليه السَّلام، أتى عليه زمان من الدَّهر لم يكن شيئًا مذكورًا يُذكَر؛ لأنَّه كان طينًا مخلوقًا، يمرُّ به الزَّمان وهو لا يُعرَف ولا يُذكَر، ثم نُفِخَ فيه الرُّوح، فقد كان شيئًا موجودًا ولم يكن مذكورًا، ولو كان غيره موجودًا لم يُوصَف بأنَّه قد أتى عليه حين من الدَّهر.

والحينُ: أربعون سنة في هذه الآية، وقيل: أكثر من ذلك.

قال ابن عبَّاس رضي اللَّه عنهما: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ}؛ يعني: آدم عليه السَّلام


(١) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢١٣).
(٢) ذكره عنهما الواحدي في "البسيط" (٢٣/ ٦).
(٣) ذكره أبو عبيدة في "مجاز القرآن" (٢/ ٢٧٩)، والواحدي في "البسيط" (٢٣/ ٧)، والقرطبي في "تفسيره" (٢١/ ٤٤٦) وقال: (أي: ليت المدة التي أتت على آدم لم تكن شيئا مذكورًا تمت على ذلك، فلا يَلد ولا يُبتلى أولاده). وروي نحو ذلك عن عمر رضي اللَّه عنه، رواه ابن المبارك في "الزهد" (٢٣٥)، والطبري في "تفسيره" (١/ ٤٩٥). وكذا عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه، رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٥٥٦).