للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فاطمُ يا بنْتَ النَّبيِّ الأحمدْ... بنتَ نبيٍّ سيِّدٍ مسوَّدْ

هذا أسيرٌ للنَّبيِّ المهتدْ... مثقَّلٌ في غِلِّهِ مُقيَّدْ

يشكو إلينا الجوعَ قد تمدَّدْ... مَنْ يُطْعِمُ اليومَ يجدْهُ في غَدْ

عندَ العليِّ الواحِدِ الموحَّدْ... ما يزرعُ الزَّارعُ سوفَ يحصُدْ

فقالت فاطمةُ رضي اللَّه عنها:

لم يبقَ ممَّا جئْتَ غيرُ صاعِ... قد دَمِيَتْ كفِّي مع الذِّراعِ

ابنايَ واللَّهِ مِنَ الجياعِ... يا ربِّ لا تتركْهُما ضياعِ

أبوهما في المكرمات ساعِ... يصطنِعُ المعروفَ بانتزاعِ

عَبْلُ الذِّراعَيْنِ شديدُ الباعِ

قال: فأعطَوه الطَّعام، ومكثوا ثلاثة أيَّام ولياليها لم يذوقوا إلَّا الماء، فلمَّا كان في اليوم الرابع وقد قضوا نذرَهم، أخذَ عليٌّ رضي اللَّه عنه الحسنَ بيمينه والحسينَ بيساره رضوان اللَّه عليهم، وأقبلَ نحو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وهم يرتعشون كالفِراخِ مِن شدَّة الجوعِ، فلمَّا بصرَ به النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يا أبا الحسن، ما أشدَّ ما يسوؤني ما أرى بكم، انطلق إلى فاطمة".

فانطلقوا وهي في محرابها، فلمَّا بصر بها النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد لصقَ بطنُها بظهرها من شدَّة الجوع، وغارَتْ عيناها، فلمَّا رآها النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "واغوثاه باللَّه، إنَّ أهلَ بيت محمَّدٍ يموتون جوعًا".

فهبط جبريل عليه السَّلام فقال: يا محمَّد خذ ما هنَّأكَ اللَّهُ في أهل بيتِكَ، فقرأ عليه: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْر} إلى آخر السُّورة (١).


(١) رواه الثعلبي في "تفسيره" (١٠/ ٩٨ - ١٠٢). وهذا الحديث أفاض ابن تيمية في "منهاج السنة" =