للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال الخليل: الأسر: قوَّة المفاصل، وشَدَّ اللَّهُ تعالى أسرَه؛ أي: قوَّى خَلْقَه (١).

وقال المبرِّد: الأسرُ: القوى كلُّها، وأصلُها عند العرب: السَّيْرُ الذي يُشَدُّ به القَتَبُ.

وقيل: {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}؛ أي: أوثقنا عليهم الميثاق، ويُسمَّى الميثاق عقدًا (٢)، والأسر قريب منه؛ لأنَّه الرَّبط، ومنه الأسير.

{وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا}: قيل: بدلنا أمثالهم في الخلق أضدادًا لهم.

وقيل: {بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ}؛ أي: أهلكناهم، وخلقنا أمثالهم في الكفر والتَّمرُّد، ثم لا يزيد (٣) ذلك ولا ينقص من ملكنا.

* * *

(٢٩ - ٣١) - {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (٢٩) وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٣٠) يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}.

{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ}: أي: هذه السُّورة عظة وتذكير؛ أي: مَن فعَل فعلهم أُثِيْبَ ثوابهم.

{فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}: أي: فمَن شاء أن يتَّخذ إلى طاعة ربِّه سبيلًا -أي: طريقًا- فهو ممكَّن لا مانع له منه (٤)، ولا شبهةَ تَعْرِض له، مع هذا التَّذكير البليغ.

{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}: أي: وما تشاؤون اتِّخاذ السبيل إلى اللَّه تعالى إلَّا


(١) انظر: "العين" للخليل (٧/ ٢٩٣).
(٢) في (ر): "عهدًا".
(٣) في (أ) و (ف): "يضرنا".
(٤) في (أ): "فهو كمن لا مانع منه".