للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

(٢٧) - {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا}.

قوله تعالى: {إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ}: أي: إنَّ هؤلاء المشركين المتمرِّدين على اللَّه تعالى بترك الانقياد لك وقَبولِ ما أنزل إليك، يميلون إلى هذه الدُّنيا المعجَّلة.

{وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ}: أي: أمامَهم، كما قال: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: ٧٩]. قاله الأخفش (١).

وقيل: ويذرون الآخرة وراءَهم؛ أي: خلفَهم وراء ظهورهم، فلا يعملون لها، ولا يسعَون فيما فيه نجاتُهم من عقابها.

{يَوْمًا ثَقِيلًا}: وهو يوم القيامة؛ لأنَّ شدائدها وأهوالها تثقُل على الكفَّار، قال اللَّه تعالى: {وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا} [الفرقان: ٢٦].

وقيل: لأنَّ ما فيه من الحساب والعَرْض شاقٌّ ثقيلٌ مَخُوفٌ.

وهو ثقيل؛ قال اللَّه تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥]؛ أي: شاقًّا على البدنِ العملُ بما فيه.

* * *

(٢٨) - {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا}.

وقوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ}؛ أي: هؤلاء {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}: قال الفرَّاء رحمه اللَّه: أي: خلْقَهم (٢).

وقيل: أي: بعد النُّطفة والعلقة والمضغة والعظام والعصب والعروق.

وقال الأخفشُ: يقال للفرس: شديد الأسر؛ أي: شديد الخلق، وكلُّ شيء شددْتَه من قتب وغيره فهو مأسور.


(١) انظر: "معاني القرآن" للأخفش (٢/ ٤٠٦).
(٢) انظر: "معاني القرآن" للفراء (٣/ ٢٢٠).