للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال عطاء عن ابن عبَّاس: هي في أبي عويمر عامر بن عمير بن هشام بن عبد الدَّار، وكان أُسِرَ يوم بدر فأخذتْهُ الأنصار ليلًا، فقالوا له: من أنت؟ فقال: أنا أخو مصعب بن عمير. فأكرموه، فلمَّا أصبحوا أخبروا مصعبًا بأنَّه عندهم، فقال: ما هو لي بأخٍ، ولا كرامة له، أوثقوه فإنَّ أمَّه أكثر أهل البطحاء مالًا، فأوثقوه حتَّى أرسلَتْ أمُّه في فدائه، وقتله أخوه مصعب بن عمير يوم بدر، {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ} هو أخوه مصعب بن عمير، خاف مقام ربِّه، فأسلم وهاجر وحضر بدرًا ومعه راية النَّبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وشهد أحدًا، ووقَى النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بنفسه حين انهزم المسلمون (١) حتى نفذت السِّهام في جوفه، فلمَّا رآه النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- متشحِّطًا بدمه قال: " [عند اللَّه] أحتسِبُك"، وقال لأصحابه: "قد رأيته بمكَّة وعليه بردان ما تُعرف قيمتهما، وإنَّ شراك نعليه ذهب" (٢).

وكان النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا أهديَتْ له هديَّة خبأها لمصعب (٣).

ووجَّهه النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم العقبة قبل الهجرة إلى المدينة يعلِّمهم القرآن، وهو أوَّل مَن جمَّع بهم الصَّلاة، ولَمَّا استشهد يوم أحد وجاءت صفيَّة بثوبين لحمزة ومصعب، صار أقصرهما لمصعب، فكان إذا غُطِّي رأسُه بدَتْ رجلاه، وإذا غُطِّيَتْ رجلاه بدت رأسه، فقال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "غطُّوا رأسَه، واجعلوا على رجليه الإذخر" (٤).


= أخيه، فقال له أمية بن خلف: ولم؟ قال: إني أخاف أن يحاسبني اللَّه به. فقال له أمية: هاته وأنا أحمل عنك هذا الوزر عند إلهك في الآخرة، وفشت تلك المقالة في قريش في أمر مصعب فأنزل تعالى: {فَأَمَّا مَنْ طَغَى} ".
(١) في (أ) و (ف): "المؤمنون".
(٢) ذكره القرطبي في "تفسيره" (٢٢/ ٦٤) عن الضحاك عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما، ونحوه في "تفسير الثعلبي" (٥/ ٨٦) عن ابن إسحاق، وما بين معكوفتين منهما. وذكره الزمخشري في "الكشاف" (٤/ ٦٩٨) مختصرًا، وقال الحافظ في "الكاف الشاف" (ص: ١٨١): لم أجده.
(٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" (٥/ ٨٦)، وفيه: (طرفة) بدل: "هدية".
(٤) روى نحوه البخاري (٤٠٤٧) من حديث خباب بن الأرت رضي اللَّه عنه.