للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وعن أبي الدَّرداء رضي اللَّه عنه قال: يُرْسَل على أهل النَّار الجوع حتى يزيدَ على كلِّ عذاب، فيستغيثون فيُغاثون بالضَّريع، ثم يستغيثون فيغاثون بطعام ذي غُصَّة، فيذكرون أنَّهم كانوا يسيغون الغَصَصَ في الدُّنيا بالشَّراب، فيُدفع إليهم بكلاليب الحديد، فإذا دنا من وجوههم شواها، ودخل بطونهم فقطَّع ما فيها، فيقولون: كلِّموا خزنة النَّار، فذلك قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ (٤٩) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى} الآية [غافر: ٤٩ - ٥٠] (١).

{وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ}: ذكر صفة وجوه الكفَّار أوَّلًا، ثم ذكر صفة وجوه المؤمنين، ولم يقل: (ووجوه)؛ لأنَّ الكلام الأوَّل قد طال وانقطع، وصار هذا كالمبتدأ.

ومعناه: وأقوام يومَئذ ناعمون في الجنَّة.

{لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ}: أي: لمساعيهم في الدُّنيا حامدون في الجنَّة؛ لِمَا نالوا (٢) من ثوابها.

وقيل: أي: راضون بثواب سعيهم.

{فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ}: أي: رفيعةِ المنازلِ، درجاتُها بعضُها فوقَ بعضٍ.

وقيل: أي: عاليةِ القَدْر، بتكامل ما فيها من النَّعيم.

{لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً}: قرأ ابن كثير وأبو عمرو بياء التَّذكير مضمومةً (٣)، {لاغيةٌ} بالرَّفع، والتَّذكيرُ لتقدُّم الفعل والحائل.


(١) رواه الترمذي (٢٥٨٦)، وتقدم عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨].
(٢) في (ر): "نالها".
(٣) "مضمومة" ليس في (أ).